لو تصفحنـا الكتب القديمة التي تحدثت عن فـنون وأساليب
تحضير الحبر العربي الأسود لوجـدنا أعدادا هائلة من الوصفات قد لايكون
لهـا حصر أو عدد ، ومرد ذلك سببان رئيسان :
لكل خطاط خواطره وتصوراته عن المواد والطرائق الخاصة التي
استلهمها من هنا وهناك .
عملت السيمياء ( علم الكيمياء القديمة ) فعلهـا بشكل كبير ،
إذ أن اكتشاف مادة جديدة أوخاصة جديدة لمادة قديمة قد يدفع بنا لتركيبة حبر جديدة ،علاوة عن أن لكل عطار طريقته الخاصة في
استخدام كل مـادة جديدة أوقديمة تحويها دكانه ، كأن يصف لك
مثلا أحـد العطارين الصمغ العربي وآخر يصف لك الجيلاتين أو
النشاء ...،
علاوة عن تعليمات الاستخدام التي يضعها لك العطار بين يديك ، كأن يصف لك أحدهم حـل الصمغ على البـارد والآخر ينصحك بغليـه ، أو أن أحدهم ينصحك باستخدام مـائة غرام لكل لتر ماء وآخر ينصحك بمثليها .
مبدأ بناء الحبر العربي الأسود :
يتبع الحبر العـربي في تصنيفه نظام المعلقات ، والمعلقات أشكال سائلة تحوي مواد غيرذوابة وموزعة توزيعا جيدا ، لذا فإنه يتوجب علينا كي نتمكن من بناء المعلق تحديد نوعية وسط الانتشار والذي هو المـاء هنا،وندعمه ببعض المواد التي ترفع من لزوجته للحفاظ على المواد غير الذوابة معلقة لأطول فترة ممكنة كالصمغ العربي والسكر ، وأخيرا علينا العمل على أن لاتتجاوز أقطارالمواد غير الذوابة 1 – 200 ميكرون لكل جزيئة كي تتمكن من القيام بما يسمى(الحركة البروانية)في وسط الانتشار لتؤخر سقوطها لأكبر مدى ممكن .
المكونات الأساسية للحبر العربي :
يمكننـا تصنيف المكونـات الأساسية للحبر العربي الأسود في بنود أربعة هي :
حامل اللون : عفصات الحديدي والهباب .
مواد رابطة ومثخنة : الصمغ العربي والسكر .
وسط الانتشار : الماء .
مواد مساعدة : كالمواد الحافظة والمعطرة و...
وسنعرض لكل منها بما تستحق :
1- حوامل اللون : وقلنا أن أهمها عفصات الحديدي والهباب .
عفصات الحديدي : راسب أسود اللـون يتشكل بإضافـة الزاج الأخضر لحمض العفص أو مركباته .
حمض العفص : وهو حمض عضوي ضعيف ، اسمه العلمي حمض الغاليك Gallic Acid ويمكننا استخلاصه من مصدرين رئيسيين : العفص،
ومواد الدباغة ، أما صيغته الكيماوية فهي :
(OH)3C6H2COOH
ونجد هذا الحمض عادة بشكله الحر في عفص البلوط وأوراق الشاي ،
وعفص البـلوط هذا ماهو إلا تضخمات في شجر البلوط تتكون محل الجروح التي تسببها الحشرات .
ويمكن لحمض العفص أن يتفاعل مع نفسه ليعطي استرا عفصيا بحذف جزيئة ماء :
(OH)3C6H2COO - (OH)2C6H2COOH
والاستر الناتج هذا مادة ذوابة بالماء بكل النسب كباقي المواد العفصية إلا أنـه يصعب عليهـا أن تشكل راسبا مع الزاج الأخضر إلا إذا تحلمهت وعادت لشكلها الحمضي الحر الأصلي ، وهذا يعني بالطبع أن استخلاص حمض العفص وتركه على شكل محلول مخزون لفترة طويلة قد يضعف كثيرا من فاعليته في تشكيل الراسب الأسود ، أما عن مواد الدباغة فإنها مواد ذوابة بالماء وذات طعم عفصي مر ، يمكننا استخلاصها من الكثير من النباتات كقشور الصفصاف والبلوط وبعض النباتات الاستوائية خاصة ، مثل الكاد الهندي والعفص الهندي والسنط .
ويعتبر التانين مادة دباغة نموذجية إذ يتم استخلاصه بسهولة كبيرة من العفص والشاي أيضا (وهوالذي يمنح محلول الشاي الطعم المر والقابض) ، ويمكننا أن نجده على شكل مسحوق أبيض سهل الذوبان بالماء ، يتحول بغليه بحمض كلور الماء إلى حمض العفص والسكر ( الغلوكوز) وللتنينات المختلفة المصدر بنى كيماوية متباينة .
الزاج الأخضر : وهي كبريتات الحديدي سباعية الماء FeSO4.7H20 ونجدهاعادة على شكل بلورات خضراء اللون ، وبما أنها من مركبات الحديدي فهي سريعة التأكسد بأكسجين الهواء الجوي الذي يحولها لكبريتات الحديد التي تعطي رواسب ملونة مع حمض العفص ، وبالتالي يمكننا أن نقول عنها إنها تتخرب مع الزمن كونها لاتعطينا ما نروم إليه من رواسب سوداء .
الهبـاب : ويتم تداوله عادة بأسماء مختلفة مثل أسود الفحم أو سخام النفط أو السخام ، السناج ... ويقسم الهباب عمليا بحسب مصدره إلى أنواع ثلاثة :
الفحم المعدني (Graphit) : ويستخرج كفلز من داخل الأرض .
الفحم النباتي (Carbo Vegeta ): ويستحصل عليه من تفحيم الخشب .
الفحم النباتي (Carbo Animal) : ويستحصل عليه من تفحيم البقايا الحيوانية كالعظام والشحوم .
وينتج الفحم أساسا عبرعملية التفحيم الطبيعية كما في الفحم المعدني أو الاصطناعية كما في الفحمين النباتي والحيواني ، أما عن عملية التفحيم في حد ذاتها فهي عملية احتراق ناقص أي بمعزل عن الهواء أوبشروط تنخفض فيها نسبة الأكسجين وترتفع درجة الحرارة لذا ترافق عمليات التفحيم عمليات تبخر لبعض المركبات المرافقة للمادة الخام المراد تفحيمها بما يجعل أنواع الفحوم الثلاثة السالفة الذكر تتباين في خواصها الكيماوية والفيزيائية وهذا ما يهيئ لنا أحبارا مختلفة الخواص في النهاية إذ تتباين في درجات نقاوتها وبريقها وقساوتهـا وامتصاصها لمكونات السائل الحبري الأخرى إضافة للوزن النوعي الذي يعني سرعة تزيد أو تنقص في الترسب أو البقاء معلقة .
ولقد تفنن الخطاطون وصناع الحبر كثيرا بطرق إجراء الاحتراق الناقص هذا ، فمنهم من كان يوقد سراجا وقوده نوع من أنواع الزيوت ( كزيت الزيتون أو الكتان ) إذ ينضد فوقه لوحا زجاجيا لتلقف الهباب الناعم المتصاعد من لهب الاحتراق الناقص ، ومنهم من كان يعتمد طريقة تفحيم الشحوم والدهون الحيوانية – كما في بعض مناطق شرق إيران – فكانوا يضعون كمية الشحوم المراد تفحيمها في جرة فخارية مغلقة تماما ويلقون بها في أفران الخبز العاملة على الحطب لمدد قد تصل لستة أشهر يستخرجون بعدها الهباب لاستخدامه في صناعة الحبر، وطرحت حاليا الشركات العالمية فحما ناعما بأبعاد غروية وعلى درجة عالية من النقاوة لاستخدامها في مجال صناعة الدهانات وأحبار الطباعة وما إلى ذلك من مجالات أخرى ويمكننا اعتمادها بكل اطمئنان دون أدنى ريبة من جدواها العملية بشرط حسن الاختيار .
2 – المواد المثخنة والرابطة : اعتمد الصمغ العربي كأحسن مادة رابطة في صناعة الحبر العربي بالإضافة لخواصه المثخنة ، ويستحصل على الصمغ العربي عادة من بعض أنواع أشجارالأكاسيا ، ويحتوي على أملاح المغنيزيوم والكالسيوم لحمض العارابين ، حلول بالماء ، وترتفع لزوجته عند تحميض محلوله ، لاينحل بالأغوال ويتنافرمع بعض المواد كالفينول ، سالب الشحنة وبالتالي علينا الحذر من إضافة أية مادة موجبة الشحنة للحبر ( كبعض المواد المطهرة أو الحافظة ) ويحتوي الصمغ العربي على بعض خمائر الأوكسيداز التي يتم تخريبها عادة بتسخينه لمدة ساعة واحدة بدرجة حرارة 100 د.م أوبتسخين لعاباته لمدة نصف ساعة على حمام مائي غال ، علما بأن للحرارة تأثيرا سيئا على فعالية الصمغ عموما .
ويعطي الصمغ العربي حبوبا قاسية بعد فترة من الزمن – في حال أردنا تجفيف الحبر كماهو معمول به في الكثير من بقاع العالم – لذا فإنه من الأفضل إضافة بعض السكر أو الغليسرين أو مسحوق عرق السوس له ، وعموما يستخدم الصمغ العربي في صناعة الحبر العربي لهدفين رئيسين :
كمادة رابطـة : لربط جزيئـات الهباب وعفصات الحديدي ببعضها بعضا من جهة ومع مادة الكتابة ( الورق ، الجلد ، الخشب ... ) من جهة ثانية .
كعامل تثبيت غروي : برفعه من لزوجة السائل الحبري مما يعيق ترسب جزيئات حوامل اللون ، ولنا أن نذكر في هذا المجال أنه وإن كان الصمغ العربي من أشهر الصموغ التي نعرفها فإن هذا لا يعني أنه الصمغ الوحيد المتداول عالميا ، إذ أن ثمة قائمة طويلة من الصموغ يتم استخدامها هنا وهناك لأغراض شتى ، ومنها
اسم الصمغ أو الراتنج
درجة حرارة الانصهار المئؤية
صمغ كوبال زنجبار
Gomme copal zanzibar
360
صمغ كوبال مدغشقر
Gomme copal madagascar
350
صمغ الكوبال الأنغولي الأحمر
Gomme copal angola rouge
320
صمغ كوبال الكولومبي
Gomme copal colombie
310
عنبر أو الكهرمان الأصفر
Amber ou succin
310
صمغ الكوبال الكونغولي القاسي
Gomme copal congo dure
300
صمغ الكوبال الكونغولي نصف القاسي
Gomme copal congo demi – dure
260
صمغ مانيلا القاسي
Gomme manille dure
230
صمغ الكوبال الكونغولي اللبني
Gomme copal congo laiteuse
220
صمغ الكوبال الغوياني
Gomme copal guyane
215
صمغ دامار السومطري
Gomme dammar sumatra
190
صمغ بنغولا
Gomme benguela
185
الصمغ الكوري البني
Gomme kauri brune
185
الصمغ الكوري الأشقر
Gomme kauri blonde
165
الصمغ الكوري بوش
Gomme kauri bush
150
صمغ سيراليون
Gomme sierraleone
150
صمغ الكوبال الكاميروني
Gomme copal cameroun
150
صمغ بوتنياناك
Gomme pontianak
140
صمغ بنين
Gomme benin
140
راتنج السندورس
Resine sandaraque
140
صمغ اكرا
Gomme accra
130
صمغ اللاك
Gomme laque
120
راتنج مانيلا اللين
Gomme manilla tender
120
صمغ انغولا الأبيض
Gomme Angola blanche
115
راتنج دامار بورنيو
Resine dammar borneo
115
صمغ البرازيل
Gomme bresil
105
راتنج دامار باتافيا
Resine dammar batavia
100
بنجوان / راتنج لين /
Benjoin(resine tender)
95
راتنج دامار سنغافورا
Resine dammar singapour
95
راتنج مصطكى
Resine mastec
90
راتنج البطم
Colophane(resine)
75
سندراغون
Sandragon
70
راتنج اكرواد
Resine accroide
70
راتنج اليمي
Resine elemi
65
اصطرك
Styrax
سائل
سائل العنبر
Liquid ambar
سائل
وأعتقد أنه بإمكاننا إجراء تجارب على صموغ أخرى غير الصمغ العربي إن أردنا وفيما لو تحققت الشروط التالية :
تحقيق قوة ربط ملائمة .
سهلة الإنحلال بالماء .
تحقيق درجة رفع لزوجة السائل الحبري إلى الحدود المطلوبة وبالتوازي مع قوة الربط .
إعطاء طبقة أو فيلم طري بعد الجفاف بحيث لايتكسر عند طي مادة الكتابة مهما اختلف أسلوب الطي .
الخمول الكيماوي بعد الكتابة والجفاف وبالتالي عدم تخربها بفعل الخزن الطويل ضمن شروط الحفظ الطبيعية .
عدم تسببها بأي تخريش لسطح الورق أو الجلد أو أي مادة كتابة .
متوسطة أو منخفضة اللمعان .
3- المـاء : يمكننا استخدام الماء الشروب العادي وليست هناك أي حاجة لماء مقطر أو بأية مواصفات خاصة .
4- المواد المساعدة أو الحافظة : كثيرا ما يلجأ الخطاطون أو صانعو الحبر لمواد أخرى يرونها ضرورية إن لم تكن أساسية ومن هذه المواد نجد :
4-1- السكر: بما أن حدا أدنى من اللزوجة علينا تحقيقه كي لاتترسب حوامل اللون المعلقة في السائل الحبري فإنه من الواجب علينا إضافة مادة مثخنة لأن الصمغ لايمكننا أن نتجاوز في نسبته حدا معينا وإلا ضعفت خواص السيولة والمد كثيرا في الحبر وهذا مادفع بالخطاطين أن يضيفوا السكر إلى الحبر إضافة لعامل آخر أقل أهمية وينحصر في عادة لعق الحبر عند ارتكاب خطأما في الكتابة ولما كان طعم العفص شديد المرارة فقد وجد أن السكرأفضل المثخنات لهذه الغاية .
وأيضا كما أسلفنا سابقا فإن الصمغ يتصلب بصورة قاسية عند جفافه وتفيد إضافة السكرفي منع حدوث هذه الظاهرة .
4-2- مسحوق التربة الغضارية : يلجأ بعض الخطاطين لإضافة شيئ من التربة الغضارية البنية اللون والشديدة النعومة للتخفيف من زرقة لون السائل الحبري الذي يظهر أحيانا بسبب تخرب الزاج الأخضر وسوء عمليات استخلاص العفص .
4-3- الشبة : يطلق اسم الشبة على مجموعة كبيرة من المركبات الكيماوية ، ويعد شب الألمنيوم والبوتاسيوم من أبرزها .
وتلعب الشبة دور المادة الحافظة أو المانعـة للتعفن عموما ولكن من الضروري جدا عدم إضافتها إلا بكميات وكميات منخفضة قدر الإمكان لأنها تتسبب بترسب حوامل اللون المعلقة .
4-4- أصفر الزرنيخ : وأشهر من نصح باستخدامـه ابن البـواب في قصيدته الرائية :
وألق دواتك بالدخـان مدبـرا بالخل أو بالحصرم المعصور
وأضف إليـه مغرة قد حولت مع أصفر الزرنيخ والكـافور
واصفرالزرنيخ ماهو إلا مركب كبريت الصوديوم Na2S المستخدم كعامل إرجاع في الكثير من العمليات الكيماوية ويفيد هنا كمانع أكسدة وتعفن في آن معا ، ولأصفرالزرنيخ سيئتان لايمكننا التغاضي عنهما :
الرائحة الكريهة : وهذا حال معظم المركبات الكبريتية .
السمية العاليـة : وغالب الظن أنه قد يكون السبب الرئيس لوفاة الكثير من الخطاطين الذين كانت لهم عادة لعق الحبرأثناء الكتابة عند الخطأ .
4-5- الكافور: وأيضا وكما مر معنا فقد أورده ابن البواب في رائيته إذ أنه يفيد في تطييب رائحة الحبروخاصة عند إضافة أصفر الزرنيخ إليه .
4-6- العسل : وله مفعول السكركمثخن وفي الآن عينه نجد أن العسل يحوي بعض الكيماويات التي تلعب دور المادة الحافظة علاوة عن طعمه المحبب .
4-7- الصبر: ويفيد في منع وقوف الذباب على الحبر .
4-8- الملح : ويزيد من شدة سواد الحبر.
تقنية تحضير الحبر العربي الأسود
قد يكون لكل خطاط طريقته في تحضير الحبر العربي ، فمنهم من يعتمدعفصات الحديدي فقط ، ومنهم من يعتمد الهباب فقط كحوامل لون ،
ومع ذلك فإننا سنتطرق للطريقة العامة التي تعتبر حلا وسطا يمكن لمن يريد أن يضيف عليها أو ينقص بحسب الخبرات الشخصية :
استخلاص العفص .
تحضير عفصات الحديدي .
إضافة الهباب .
إضافة السكر أوالعسل .
إضافة المحلول الصمغي .
إضافة المواد الحافظة .
استخلاص العفص :
يتم استخلاص العفص عادة من جوزة العفص الغنية جدا بهذا الحمض وتحتويه على شكل غلوكـوزيد ، إذ تؤخـذ هذه الجوزة وتكسر وتطحن وتغلى بالماء حتى يثبت لون المحلول مع استمرار الغلي ، نأخذ المحلول الناتج ونصفيه بشكل دقيق لنأخذ رشاحته ونسخنها مع بعض من حمض الكبريت الممـدد فيتحرر الحمض الحـر من الغلوكوزيد ويصبح قابلا لتشكيل الراسب الأسود مع الزاج الأخضر وقد يكون من الأفضل التسخين مع الحموض العضوية كحمض الخل أو الحصرم كما وصف ابن البواب ، ومن الجدير ذكره هنا أنه حتى لو لم نجر عملية المعالجة مع الحمض وأضفنا الزاج فإن المحلول سيتلون بالأسود لوجود نسب من حمض العفص الحر أساسا ولكننا نهمل حينها قسما كبيرا من الحمض يمكنه رفع شدة عمق اللون الأسود للحبر الناتج ، ويمكننا أيضا اعتماد الشاي أولحاء شجرالبلوط وجذورشجرالرمان وقشوره كبديل أفقر لجوزة العفص ، أو يمكننا الاعتماد على مادة التانين التي غالبا مايتم تداولها باسم ميموزا في مجالات صناعة الدباغة ، والتي تكون عادة على شكل مسحوق أسمر اللون خفيف الوزن النوعي نسبيا .
تحضير عفصات الحديدي :
تؤخذ الرشاحة ويضاف لها الزاج الأخضر مع التحريك المستمر فيبدأ اللون الأسود بالظهوركدليل على بدء تفاعلات تشكل عفصات الحديدي ولايمكننا تحديد كمية الزاج الأخضر الواجب إضافتها بدقة إلاإذا اتخذنا إجراءات مخبرية دقيقة لتحديد محتوى السائل أو الرشاحة النهائية من حمض العفص الحر والتي تتعلق بعوامل كثيرة نجد من أهمها :
نوعية المصدر المستخدم : جوزة العفص ، شاي ، لحاء البلوط ...
الشروط المناخية للزراعة وموعد القطاف – أي درجة النضج – ومدة الخزن .
نسبة الماء للعفص أثناء عملية الاستخلاص بالغلي ، ومدة الغلي والنقع بعدها ومردود عمليات التصفية إضافة لدرجة نعومة المادة الخام المقدمة للغلي .
والواقع أننا لو استعرضنا الوصفات التي وضعها السلف الصالح من الخطاطين لوجدنا من ينصح بزاج وربعه عفص وآخرون بعفص وربعه زاج ، هذا كله لأن الأمر كان فيه من الحدس والتوقع أكثر مما فيه من العلم .
وحتى نقارن بين الحدس والعلم فإن العلم يطرح المعادلة على الشكل : لو كان وزن المادة الخام مائة غرام وتحوي خمسين غراما من حمض العفص الحر فإنه يلزمنا في هذه الحالة خمسون غراما من الزاج فقط .
إضافـة الهبـاب :
بعد الإنتهاء من إضافة الزاج الأخضر نبدأبإضافة الهباب عبرعمليات تحريك شديدة قدر الإمكان حتى تمام تجانس توزع الهباب في كافة نقاط السائل .
إضافة السكر أو العسل :
بعد الإنتهاء من إضافة الهباب نبدأ إضافة السكر أو العسل بنسبة 5% مبدئيا .
إضافة المحلول الصمغي :
نبدأبإضافة محلول الصمغ العربي حتى حصولنا على درجة اللزوجة المطلوبة ، أما عن تحضير محلول الصمغ العربي فإنه من المفيد التحدث عن خطواته لما لها من أهمية :
ينحل الصمغ العربي بصورة تلقائية في الماء ليشكل ما يسمى باللعاب دون أن تلعب درجة الحرارة أي دور يذكر، ذلك أنه كما يرينا الجدول التالي فإن معدل ما يزيد من الإنحلال هو 3% بفارق من الدرجات يبلغ 65 درجة مئوية :
انحلال الصمغ العربي بالماء
الإنحلال %
درجة الحرارة المئوية
37
25
38
50
40
90
وهكذا نرى أنه من غير المفيد اللجوء لغلي الصمغ إلا إذا كان الغرض القضاء على خميرة الأوكسيداز وفي هذه الحالة يتفكك بعض الصمغ مما يضطرنا لوضع نسبة تتجاوز ال40% أساسا ، وعادة نأخـذ 400 غرام من الصمغ ونتمم الوزن حتى الكيلو غرام بالماء العادي ونحرك كلما سنحت لنا الفرصة حتى تمام الإنحلال حيث نلجأ لعملية ترشيح دقيقة قدر الإمكان ويكون لدينا آنئذ لعاب صمغي جاهز للاستخدام .
إضافة المواد الحافظة :
بعد الانتهاء من إضافة اللعاب الصمغي نضيف المواد الحافظة كالشبة أو بنزوات الصوديوم وقد ترافقها أحيانا الإضافات الخاصة كالكافور والصبر
تحضير الحبر العربي الأسود لوجـدنا أعدادا هائلة من الوصفات قد لايكون
لهـا حصر أو عدد ، ومرد ذلك سببان رئيسان :
لكل خطاط خواطره وتصوراته عن المواد والطرائق الخاصة التي
استلهمها من هنا وهناك .
عملت السيمياء ( علم الكيمياء القديمة ) فعلهـا بشكل كبير ،
إذ أن اكتشاف مادة جديدة أوخاصة جديدة لمادة قديمة قد يدفع بنا لتركيبة حبر جديدة ،علاوة عن أن لكل عطار طريقته الخاصة في
استخدام كل مـادة جديدة أوقديمة تحويها دكانه ، كأن يصف لك
مثلا أحـد العطارين الصمغ العربي وآخر يصف لك الجيلاتين أو
النشاء ...،
علاوة عن تعليمات الاستخدام التي يضعها لك العطار بين يديك ، كأن يصف لك أحدهم حـل الصمغ على البـارد والآخر ينصحك بغليـه ، أو أن أحدهم ينصحك باستخدام مـائة غرام لكل لتر ماء وآخر ينصحك بمثليها .
مبدأ بناء الحبر العربي الأسود :
يتبع الحبر العـربي في تصنيفه نظام المعلقات ، والمعلقات أشكال سائلة تحوي مواد غيرذوابة وموزعة توزيعا جيدا ، لذا فإنه يتوجب علينا كي نتمكن من بناء المعلق تحديد نوعية وسط الانتشار والذي هو المـاء هنا،وندعمه ببعض المواد التي ترفع من لزوجته للحفاظ على المواد غير الذوابة معلقة لأطول فترة ممكنة كالصمغ العربي والسكر ، وأخيرا علينا العمل على أن لاتتجاوز أقطارالمواد غير الذوابة 1 – 200 ميكرون لكل جزيئة كي تتمكن من القيام بما يسمى(الحركة البروانية)في وسط الانتشار لتؤخر سقوطها لأكبر مدى ممكن .
المكونات الأساسية للحبر العربي :
يمكننـا تصنيف المكونـات الأساسية للحبر العربي الأسود في بنود أربعة هي :
حامل اللون : عفصات الحديدي والهباب .
مواد رابطة ومثخنة : الصمغ العربي والسكر .
وسط الانتشار : الماء .
مواد مساعدة : كالمواد الحافظة والمعطرة و...
وسنعرض لكل منها بما تستحق :
1- حوامل اللون : وقلنا أن أهمها عفصات الحديدي والهباب .
عفصات الحديدي : راسب أسود اللـون يتشكل بإضافـة الزاج الأخضر لحمض العفص أو مركباته .
حمض العفص : وهو حمض عضوي ضعيف ، اسمه العلمي حمض الغاليك Gallic Acid ويمكننا استخلاصه من مصدرين رئيسيين : العفص،
ومواد الدباغة ، أما صيغته الكيماوية فهي :
(OH)3C6H2COOH
ونجد هذا الحمض عادة بشكله الحر في عفص البلوط وأوراق الشاي ،
وعفص البـلوط هذا ماهو إلا تضخمات في شجر البلوط تتكون محل الجروح التي تسببها الحشرات .
ويمكن لحمض العفص أن يتفاعل مع نفسه ليعطي استرا عفصيا بحذف جزيئة ماء :
(OH)3C6H2COO - (OH)2C6H2COOH
والاستر الناتج هذا مادة ذوابة بالماء بكل النسب كباقي المواد العفصية إلا أنـه يصعب عليهـا أن تشكل راسبا مع الزاج الأخضر إلا إذا تحلمهت وعادت لشكلها الحمضي الحر الأصلي ، وهذا يعني بالطبع أن استخلاص حمض العفص وتركه على شكل محلول مخزون لفترة طويلة قد يضعف كثيرا من فاعليته في تشكيل الراسب الأسود ، أما عن مواد الدباغة فإنها مواد ذوابة بالماء وذات طعم عفصي مر ، يمكننا استخلاصها من الكثير من النباتات كقشور الصفصاف والبلوط وبعض النباتات الاستوائية خاصة ، مثل الكاد الهندي والعفص الهندي والسنط .
ويعتبر التانين مادة دباغة نموذجية إذ يتم استخلاصه بسهولة كبيرة من العفص والشاي أيضا (وهوالذي يمنح محلول الشاي الطعم المر والقابض) ، ويمكننا أن نجده على شكل مسحوق أبيض سهل الذوبان بالماء ، يتحول بغليه بحمض كلور الماء إلى حمض العفص والسكر ( الغلوكوز) وللتنينات المختلفة المصدر بنى كيماوية متباينة .
الزاج الأخضر : وهي كبريتات الحديدي سباعية الماء FeSO4.7H20 ونجدهاعادة على شكل بلورات خضراء اللون ، وبما أنها من مركبات الحديدي فهي سريعة التأكسد بأكسجين الهواء الجوي الذي يحولها لكبريتات الحديد التي تعطي رواسب ملونة مع حمض العفص ، وبالتالي يمكننا أن نقول عنها إنها تتخرب مع الزمن كونها لاتعطينا ما نروم إليه من رواسب سوداء .
الهبـاب : ويتم تداوله عادة بأسماء مختلفة مثل أسود الفحم أو سخام النفط أو السخام ، السناج ... ويقسم الهباب عمليا بحسب مصدره إلى أنواع ثلاثة :
الفحم المعدني (Graphit) : ويستخرج كفلز من داخل الأرض .
الفحم النباتي (Carbo Vegeta ): ويستحصل عليه من تفحيم الخشب .
الفحم النباتي (Carbo Animal) : ويستحصل عليه من تفحيم البقايا الحيوانية كالعظام والشحوم .
وينتج الفحم أساسا عبرعملية التفحيم الطبيعية كما في الفحم المعدني أو الاصطناعية كما في الفحمين النباتي والحيواني ، أما عن عملية التفحيم في حد ذاتها فهي عملية احتراق ناقص أي بمعزل عن الهواء أوبشروط تنخفض فيها نسبة الأكسجين وترتفع درجة الحرارة لذا ترافق عمليات التفحيم عمليات تبخر لبعض المركبات المرافقة للمادة الخام المراد تفحيمها بما يجعل أنواع الفحوم الثلاثة السالفة الذكر تتباين في خواصها الكيماوية والفيزيائية وهذا ما يهيئ لنا أحبارا مختلفة الخواص في النهاية إذ تتباين في درجات نقاوتها وبريقها وقساوتهـا وامتصاصها لمكونات السائل الحبري الأخرى إضافة للوزن النوعي الذي يعني سرعة تزيد أو تنقص في الترسب أو البقاء معلقة .
ولقد تفنن الخطاطون وصناع الحبر كثيرا بطرق إجراء الاحتراق الناقص هذا ، فمنهم من كان يوقد سراجا وقوده نوع من أنواع الزيوت ( كزيت الزيتون أو الكتان ) إذ ينضد فوقه لوحا زجاجيا لتلقف الهباب الناعم المتصاعد من لهب الاحتراق الناقص ، ومنهم من كان يعتمد طريقة تفحيم الشحوم والدهون الحيوانية – كما في بعض مناطق شرق إيران – فكانوا يضعون كمية الشحوم المراد تفحيمها في جرة فخارية مغلقة تماما ويلقون بها في أفران الخبز العاملة على الحطب لمدد قد تصل لستة أشهر يستخرجون بعدها الهباب لاستخدامه في صناعة الحبر، وطرحت حاليا الشركات العالمية فحما ناعما بأبعاد غروية وعلى درجة عالية من النقاوة لاستخدامها في مجال صناعة الدهانات وأحبار الطباعة وما إلى ذلك من مجالات أخرى ويمكننا اعتمادها بكل اطمئنان دون أدنى ريبة من جدواها العملية بشرط حسن الاختيار .
2 – المواد المثخنة والرابطة : اعتمد الصمغ العربي كأحسن مادة رابطة في صناعة الحبر العربي بالإضافة لخواصه المثخنة ، ويستحصل على الصمغ العربي عادة من بعض أنواع أشجارالأكاسيا ، ويحتوي على أملاح المغنيزيوم والكالسيوم لحمض العارابين ، حلول بالماء ، وترتفع لزوجته عند تحميض محلوله ، لاينحل بالأغوال ويتنافرمع بعض المواد كالفينول ، سالب الشحنة وبالتالي علينا الحذر من إضافة أية مادة موجبة الشحنة للحبر ( كبعض المواد المطهرة أو الحافظة ) ويحتوي الصمغ العربي على بعض خمائر الأوكسيداز التي يتم تخريبها عادة بتسخينه لمدة ساعة واحدة بدرجة حرارة 100 د.م أوبتسخين لعاباته لمدة نصف ساعة على حمام مائي غال ، علما بأن للحرارة تأثيرا سيئا على فعالية الصمغ عموما .
ويعطي الصمغ العربي حبوبا قاسية بعد فترة من الزمن – في حال أردنا تجفيف الحبر كماهو معمول به في الكثير من بقاع العالم – لذا فإنه من الأفضل إضافة بعض السكر أو الغليسرين أو مسحوق عرق السوس له ، وعموما يستخدم الصمغ العربي في صناعة الحبر العربي لهدفين رئيسين :
كمادة رابطـة : لربط جزيئـات الهباب وعفصات الحديدي ببعضها بعضا من جهة ومع مادة الكتابة ( الورق ، الجلد ، الخشب ... ) من جهة ثانية .
كعامل تثبيت غروي : برفعه من لزوجة السائل الحبري مما يعيق ترسب جزيئات حوامل اللون ، ولنا أن نذكر في هذا المجال أنه وإن كان الصمغ العربي من أشهر الصموغ التي نعرفها فإن هذا لا يعني أنه الصمغ الوحيد المتداول عالميا ، إذ أن ثمة قائمة طويلة من الصموغ يتم استخدامها هنا وهناك لأغراض شتى ، ومنها
اسم الصمغ أو الراتنج
درجة حرارة الانصهار المئؤية
صمغ كوبال زنجبار
Gomme copal zanzibar
360
صمغ كوبال مدغشقر
Gomme copal madagascar
350
صمغ الكوبال الأنغولي الأحمر
Gomme copal angola rouge
320
صمغ كوبال الكولومبي
Gomme copal colombie
310
عنبر أو الكهرمان الأصفر
Amber ou succin
310
صمغ الكوبال الكونغولي القاسي
Gomme copal congo dure
300
صمغ الكوبال الكونغولي نصف القاسي
Gomme copal congo demi – dure
260
صمغ مانيلا القاسي
Gomme manille dure
230
صمغ الكوبال الكونغولي اللبني
Gomme copal congo laiteuse
220
صمغ الكوبال الغوياني
Gomme copal guyane
215
صمغ دامار السومطري
Gomme dammar sumatra
190
صمغ بنغولا
Gomme benguela
185
الصمغ الكوري البني
Gomme kauri brune
185
الصمغ الكوري الأشقر
Gomme kauri blonde
165
الصمغ الكوري بوش
Gomme kauri bush
150
صمغ سيراليون
Gomme sierraleone
150
صمغ الكوبال الكاميروني
Gomme copal cameroun
150
صمغ بوتنياناك
Gomme pontianak
140
صمغ بنين
Gomme benin
140
راتنج السندورس
Resine sandaraque
140
صمغ اكرا
Gomme accra
130
صمغ اللاك
Gomme laque
120
راتنج مانيلا اللين
Gomme manilla tender
120
صمغ انغولا الأبيض
Gomme Angola blanche
115
راتنج دامار بورنيو
Resine dammar borneo
115
صمغ البرازيل
Gomme bresil
105
راتنج دامار باتافيا
Resine dammar batavia
100
بنجوان / راتنج لين /
Benjoin(resine tender)
95
راتنج دامار سنغافورا
Resine dammar singapour
95
راتنج مصطكى
Resine mastec
90
راتنج البطم
Colophane(resine)
75
سندراغون
Sandragon
70
راتنج اكرواد
Resine accroide
70
راتنج اليمي
Resine elemi
65
اصطرك
Styrax
سائل
سائل العنبر
Liquid ambar
سائل
وأعتقد أنه بإمكاننا إجراء تجارب على صموغ أخرى غير الصمغ العربي إن أردنا وفيما لو تحققت الشروط التالية :
تحقيق قوة ربط ملائمة .
سهلة الإنحلال بالماء .
تحقيق درجة رفع لزوجة السائل الحبري إلى الحدود المطلوبة وبالتوازي مع قوة الربط .
إعطاء طبقة أو فيلم طري بعد الجفاف بحيث لايتكسر عند طي مادة الكتابة مهما اختلف أسلوب الطي .
الخمول الكيماوي بعد الكتابة والجفاف وبالتالي عدم تخربها بفعل الخزن الطويل ضمن شروط الحفظ الطبيعية .
عدم تسببها بأي تخريش لسطح الورق أو الجلد أو أي مادة كتابة .
متوسطة أو منخفضة اللمعان .
3- المـاء : يمكننا استخدام الماء الشروب العادي وليست هناك أي حاجة لماء مقطر أو بأية مواصفات خاصة .
4- المواد المساعدة أو الحافظة : كثيرا ما يلجأ الخطاطون أو صانعو الحبر لمواد أخرى يرونها ضرورية إن لم تكن أساسية ومن هذه المواد نجد :
4-1- السكر: بما أن حدا أدنى من اللزوجة علينا تحقيقه كي لاتترسب حوامل اللون المعلقة في السائل الحبري فإنه من الواجب علينا إضافة مادة مثخنة لأن الصمغ لايمكننا أن نتجاوز في نسبته حدا معينا وإلا ضعفت خواص السيولة والمد كثيرا في الحبر وهذا مادفع بالخطاطين أن يضيفوا السكر إلى الحبر إضافة لعامل آخر أقل أهمية وينحصر في عادة لعق الحبر عند ارتكاب خطأما في الكتابة ولما كان طعم العفص شديد المرارة فقد وجد أن السكرأفضل المثخنات لهذه الغاية .
وأيضا كما أسلفنا سابقا فإن الصمغ يتصلب بصورة قاسية عند جفافه وتفيد إضافة السكرفي منع حدوث هذه الظاهرة .
4-2- مسحوق التربة الغضارية : يلجأ بعض الخطاطين لإضافة شيئ من التربة الغضارية البنية اللون والشديدة النعومة للتخفيف من زرقة لون السائل الحبري الذي يظهر أحيانا بسبب تخرب الزاج الأخضر وسوء عمليات استخلاص العفص .
4-3- الشبة : يطلق اسم الشبة على مجموعة كبيرة من المركبات الكيماوية ، ويعد شب الألمنيوم والبوتاسيوم من أبرزها .
وتلعب الشبة دور المادة الحافظة أو المانعـة للتعفن عموما ولكن من الضروري جدا عدم إضافتها إلا بكميات وكميات منخفضة قدر الإمكان لأنها تتسبب بترسب حوامل اللون المعلقة .
4-4- أصفر الزرنيخ : وأشهر من نصح باستخدامـه ابن البـواب في قصيدته الرائية :
وألق دواتك بالدخـان مدبـرا بالخل أو بالحصرم المعصور
وأضف إليـه مغرة قد حولت مع أصفر الزرنيخ والكـافور
واصفرالزرنيخ ماهو إلا مركب كبريت الصوديوم Na2S المستخدم كعامل إرجاع في الكثير من العمليات الكيماوية ويفيد هنا كمانع أكسدة وتعفن في آن معا ، ولأصفرالزرنيخ سيئتان لايمكننا التغاضي عنهما :
الرائحة الكريهة : وهذا حال معظم المركبات الكبريتية .
السمية العاليـة : وغالب الظن أنه قد يكون السبب الرئيس لوفاة الكثير من الخطاطين الذين كانت لهم عادة لعق الحبرأثناء الكتابة عند الخطأ .
4-5- الكافور: وأيضا وكما مر معنا فقد أورده ابن البواب في رائيته إذ أنه يفيد في تطييب رائحة الحبروخاصة عند إضافة أصفر الزرنيخ إليه .
4-6- العسل : وله مفعول السكركمثخن وفي الآن عينه نجد أن العسل يحوي بعض الكيماويات التي تلعب دور المادة الحافظة علاوة عن طعمه المحبب .
4-7- الصبر: ويفيد في منع وقوف الذباب على الحبر .
4-8- الملح : ويزيد من شدة سواد الحبر.
تقنية تحضير الحبر العربي الأسود
قد يكون لكل خطاط طريقته في تحضير الحبر العربي ، فمنهم من يعتمدعفصات الحديدي فقط ، ومنهم من يعتمد الهباب فقط كحوامل لون ،
ومع ذلك فإننا سنتطرق للطريقة العامة التي تعتبر حلا وسطا يمكن لمن يريد أن يضيف عليها أو ينقص بحسب الخبرات الشخصية :
استخلاص العفص .
تحضير عفصات الحديدي .
إضافة الهباب .
إضافة السكر أوالعسل .
إضافة المحلول الصمغي .
إضافة المواد الحافظة .
استخلاص العفص :
يتم استخلاص العفص عادة من جوزة العفص الغنية جدا بهذا الحمض وتحتويه على شكل غلوكـوزيد ، إذ تؤخـذ هذه الجوزة وتكسر وتطحن وتغلى بالماء حتى يثبت لون المحلول مع استمرار الغلي ، نأخذ المحلول الناتج ونصفيه بشكل دقيق لنأخذ رشاحته ونسخنها مع بعض من حمض الكبريت الممـدد فيتحرر الحمض الحـر من الغلوكوزيد ويصبح قابلا لتشكيل الراسب الأسود مع الزاج الأخضر وقد يكون من الأفضل التسخين مع الحموض العضوية كحمض الخل أو الحصرم كما وصف ابن البواب ، ومن الجدير ذكره هنا أنه حتى لو لم نجر عملية المعالجة مع الحمض وأضفنا الزاج فإن المحلول سيتلون بالأسود لوجود نسب من حمض العفص الحر أساسا ولكننا نهمل حينها قسما كبيرا من الحمض يمكنه رفع شدة عمق اللون الأسود للحبر الناتج ، ويمكننا أيضا اعتماد الشاي أولحاء شجرالبلوط وجذورشجرالرمان وقشوره كبديل أفقر لجوزة العفص ، أو يمكننا الاعتماد على مادة التانين التي غالبا مايتم تداولها باسم ميموزا في مجالات صناعة الدباغة ، والتي تكون عادة على شكل مسحوق أسمر اللون خفيف الوزن النوعي نسبيا .
تحضير عفصات الحديدي :
تؤخذ الرشاحة ويضاف لها الزاج الأخضر مع التحريك المستمر فيبدأ اللون الأسود بالظهوركدليل على بدء تفاعلات تشكل عفصات الحديدي ولايمكننا تحديد كمية الزاج الأخضر الواجب إضافتها بدقة إلاإذا اتخذنا إجراءات مخبرية دقيقة لتحديد محتوى السائل أو الرشاحة النهائية من حمض العفص الحر والتي تتعلق بعوامل كثيرة نجد من أهمها :
نوعية المصدر المستخدم : جوزة العفص ، شاي ، لحاء البلوط ...
الشروط المناخية للزراعة وموعد القطاف – أي درجة النضج – ومدة الخزن .
نسبة الماء للعفص أثناء عملية الاستخلاص بالغلي ، ومدة الغلي والنقع بعدها ومردود عمليات التصفية إضافة لدرجة نعومة المادة الخام المقدمة للغلي .
والواقع أننا لو استعرضنا الوصفات التي وضعها السلف الصالح من الخطاطين لوجدنا من ينصح بزاج وربعه عفص وآخرون بعفص وربعه زاج ، هذا كله لأن الأمر كان فيه من الحدس والتوقع أكثر مما فيه من العلم .
وحتى نقارن بين الحدس والعلم فإن العلم يطرح المعادلة على الشكل : لو كان وزن المادة الخام مائة غرام وتحوي خمسين غراما من حمض العفص الحر فإنه يلزمنا في هذه الحالة خمسون غراما من الزاج فقط .
إضافـة الهبـاب :
بعد الإنتهاء من إضافة الزاج الأخضر نبدأبإضافة الهباب عبرعمليات تحريك شديدة قدر الإمكان حتى تمام تجانس توزع الهباب في كافة نقاط السائل .
إضافة السكر أو العسل :
بعد الإنتهاء من إضافة الهباب نبدأ إضافة السكر أو العسل بنسبة 5% مبدئيا .
إضافة المحلول الصمغي :
نبدأبإضافة محلول الصمغ العربي حتى حصولنا على درجة اللزوجة المطلوبة ، أما عن تحضير محلول الصمغ العربي فإنه من المفيد التحدث عن خطواته لما لها من أهمية :
ينحل الصمغ العربي بصورة تلقائية في الماء ليشكل ما يسمى باللعاب دون أن تلعب درجة الحرارة أي دور يذكر، ذلك أنه كما يرينا الجدول التالي فإن معدل ما يزيد من الإنحلال هو 3% بفارق من الدرجات يبلغ 65 درجة مئوية :
انحلال الصمغ العربي بالماء
الإنحلال %
درجة الحرارة المئوية
37
25
38
50
40
90
وهكذا نرى أنه من غير المفيد اللجوء لغلي الصمغ إلا إذا كان الغرض القضاء على خميرة الأوكسيداز وفي هذه الحالة يتفكك بعض الصمغ مما يضطرنا لوضع نسبة تتجاوز ال40% أساسا ، وعادة نأخـذ 400 غرام من الصمغ ونتمم الوزن حتى الكيلو غرام بالماء العادي ونحرك كلما سنحت لنا الفرصة حتى تمام الإنحلال حيث نلجأ لعملية ترشيح دقيقة قدر الإمكان ويكون لدينا آنئذ لعاب صمغي جاهز للاستخدام .
إضافة المواد الحافظة :
بعد الانتهاء من إضافة اللعاب الصمغي نضيف المواد الحافظة كالشبة أو بنزوات الصوديوم وقد ترافقها أحيانا الإضافات الخاصة كالكافور والصبر